الموت إنَّ الموت هو الحقيقةُ المطلقةُ التي تخيفُ وتهددُ للكثيرينَ، ولكلِّ شخصٍ نظرتُهُ وطريقته التي يتعامل بها مع فكرة الموت، لكن الوسواس من هذه الفكرة هو نوع من أنواع مرض القلق الذي قد يأخذ أشكالاً عدَّة من المُمكن أن تصل في بعض الحالات لأن تمنع الشّخص من ممارسةِ وعيشِ حياةٍ طبيعيةٍ، وهنا يُصبح الخوف من الموتِ مرضاً يحتاج لمتابعة وعلاج. وسواسِ الخوفِ منَ المَوتِ الخوفُ من الموت هو استجابةٌ انفعاليةٌ مُزعجةٌ ومشاعرُ من الشكِّ والقلق والشُّعورِ بالعجزِ والضَّعفِ حولَ كلِّ ما يتعلقُ بالموتِ أو يتّصلُ به، سواءً إن تعرضَّ لهُ المرءُ نفسهُ أو إن أصابَ أحدُ المُقرّبينَ لديه.[١] خصائصُ الخوفِ من الموتِ قسَّم العُلماءُ خصائِصَ قلقِ الموتِ لعِدّةِ أقسامٍ :[٢] نوعٌ من أنواعِ القلقِ المُترتّبِ في أغلبِ الحالاتِ على القلقِ العُضويِّ بسببِ المرضِ أو المشاكلِ الصحّيّةِ. شعورٌ لدى الفردِ بأنَّ الموتَ يُحاصرهُ، ممّا يجعلهُ حزيناً وغيرَ قادرٍ على مُمارسةِ حياتهِ الطبيعيَّةِ. نوعٌ من الخوفِ المتفرِّعِ من القلقِ بشكلٍ عام. استجابةٌ انفعاليةٌ تجعلُ الشّخصَ مُتكدّراً. نوعٌ من الخبراتِ الانفعاليّةِ غيرِ السارَّة. نوعٌ من أنواعِ القلق والخوفِ من المستقبلِ. مظاهرُ وسواسِ الخوفِ من الموتِ هنالك عدَّةُ مظاهِر من القلق التي ينشأُ بسببها ما يُسمّى بالخوفِ من الموتِ، يُفكّرُ بها الشَّخصُ وتُسيطرُ عليه حتى تتطوّرَ لتُصبحَ مرضاً نفسيّاً، منها الخوفُ من المجهولِ، أو من الوحدةِ، أو الضَّعفِ، والخوفُ من فقدانِ الأهلِ أو الأصدقاءِ، أو فقدانِ الذَّاتِ أو الجَسدِ، أو فقدانِ السّيطرةِ على النَّفس. كل تلكَ الأفكارِ قد تُصبح حالةً من القلقِ الشّديدِ الذي يُصبحِ خوفاً من الموتِ.[٣] علاج وسواسِ الخوفِ منَ المَوتِ يمكن علاج الوسواس من الموت بأحد أو بمجموعة من الحلول الآتية:[٤][٥] أن يحاولَ المريضُ السّيطرة على حياتِه، وأن يَقضِ وقتاً مُمتعاً مع من يُحبّ وأن يملأ وقتهُ بالأنشطة الإيجابيَّة، وأن يعيشَ حياتهُ على شروطهِ ويحققَ أحلامهُ وينظرَ لنفسهِ على أنَّه يستحقُّ أن يكونَ سعيداً. تعلُمُ تقبُّلِ الموتِ، والتّفكير فيه على أنّهُ جزءٌ من دورةِ الحياةِ التي يمرُّ بها الجميعُ على حدٍ سواء، وبالتّالي يجبُ استغلالُ هذهِ الحياةِ والشّعور بالامتنانِ عليها. قراءةُ الكتُبِ والمواضيعِ والمساعدةُ الذاتيّةُ؛ فكثيرٌ من الكتبُ العلميَّةِ والفلسفيِّةِ والدينيَّةِ بحثت في موضوعِ الموتِ، والقراءةِ فيها قد توضِّحُ بعضَ الأمورِ بحيثُ لا يكونُ الموتُ مُبهَماً بل مفهوماً، ممّا قد يُقلّلُ من الشّعورِ بالخوفِ منهُ. تأديةُ المُمارساتِ الدينيّةِ؛ حيثُ إنّ الأديانَ بمُجملها تداولت الموتَ وشرحتهُ من نواحٍ روحانيّةٍ، وهذه المُمارساتُ من شأنها توفيرُ سلامٍ روحيٍّ لمن لديهم وسواسُ الخوفِ من الموتِ. التّركيزُ على جعلِ الحياةِ التي يعيشُها الشّخصُ جيدةً لتكونَ أكثرَ بهجةً حتّى ولو كانَ ذلك عن طريقِ أمورٍ بسيطةٍ، كمُمارسةِ رياضة المشي أو الاستمتاع بأشعةِ الشّمسِ مثلاً. التَّحضيرُ للموتِ، حيثُ إنَ خوفَ الموتِ في كثيرٍ من الحالاتِ سببهُ هو التّساؤلُ عن الذي سيحصلُ للأشخاصِ الذين نُحِبُّ، ماذا سيشعرون وكيف سيعيشون، وهذا أمرٌ جيدٌ حيثُ إنّه لا يمكنُ التحكَّم بالموتِ لكن لا يمكن التحكُّم به. إنّ الكثيرَ من حالاتِ وسواسِ الخوفِ من الموتِ تُشفى بالتّركيزِ على الحياةِ وبجعلها أكثرَ سعادةً وفعاليّةً، ويُؤثِّر أكثر في الأشخاصِ الذينَ يعيشونَ حياةً تعيسةً، لذا يجبُ العملُ على الظّروفِ الحاليةِ ومُحاولةِ حلِّ المشكلاتِ الموجودةِ وتخطِّي الهمومِ لتصبحَ الحياةُ أجملَ، وتكبُرَ قيمةُ الحياةِ، وحبِّ العيشِ على الخوفِ من الموتِ. كما وفي الكثيرِ من الأمراضِ النَفسيّةِ قد يلجأُ المعالجُ المُختصُّ للاستعانةِ بالأدويةِ معَ العلاجِ السلوكيِّ أو النَفسيِّ في حال كانت حالةُ المريضِ مُتطوّرةً ومُتأزّمةً، حيث إنّ هذه الأدويةَ من شأنِها رَفعُ مُستوياتِ السّيروتونين في الدّماغِ، لكن لها أثارٌ جانبيّةٌ مُحتملةٌ تختلَفُ من شخصٍ لآخر، ويختلفُ تأثيرُها بحسبِ اعتقادِ العُلماءِ بينَ المُراهقينَ والكبارِ عُمراً. النّظرياتُ المُفسِّرةُ لوسواسِ الخوفِ من الموتِ هناكَ عدَّةُ نظرياتٍ علميّةٍ درست وفسَّرت الخوف من الموت بحسبِ توجُهِ علماءِ النَّفسِ لديها، وهذهِ النظريّاتُ هي: نظريَّةُ مدرسةِ التّحليلِ النفسيّ بحسبِ رأيِ العالِمِ الشّهيرِ فرويد فإنَّ النّشاطَ الإنسانيَّ وكلّ ما يقومُ به المرءُ من أفعالٍ هو مرهونٌ بالغرائزِ، وقسَّمَ هذهِ الغرائِز لنوعينٍ: غرائزُ الحياةِ مثلُ الجوعِ أو العطشِ أو الجِنس، وغرائزُ الموتِ وهي ما يصفها بقوله (إنّ هدف الحياة هو الموت)، حيثُ يعيشُ الإنسانُ طوال حياتهِ في صراعٍ ما بين هاتينِ الغريزتينِ.[٦] نظريةُ المدرسةِ السُلوكيَّةِ تعتمدُ هذه المدرسةُ في أُسلوبِها على أنّ كل ما يَصلُ إليهِ الإنسانُ من قراراتٍ أو أفعالٍ هو نتيجةٌ لمُثيراتٍ بيئيّةٍ وكلّ مُثيرٍ ينتُجُ عنه سلوكٌ، وتفسَّرُ الموتَ على أنَّه مُثيرٌ قويٌّ وخِبراتّ يمرُّ كلُّ إنسانٍ بها في حياتهِ يتعرَّضُ فيها لفقدِ شخصٍ قريبٍ، ولكن تختلفُ في حدَّتِها من شخصٍِ لآخر؛ فبعضُ الأشخاصِ يحزنُ بينما البعضُ الآخرُ قد يتعرّضُ لاكتئابٍ شديدٍ كلٌّ بحسبِ شخصيّتهِ وخِبراتهِ الحياتيَّةِ.[٧] نظريَّةُ المدرسةِ الإنسانيّةِ ترى المدرسةُ الإنسانيّةُ وتحديداً علماءُ الوجوديّةِ أنَّ على الإنسانَ تقبُّلَ حقيقةِ الموتِ والنَّظرُ لهُ على أنَّهُ النّتيجةُ الحتميّةُ المُطلقةُ التي تُعطي للحياةِ معنىً، وبالتّالي عليهِ أن يستثمرَ حياتهُ ويضعَ أثرهُ فيها، ويستغلّها بأفضلِ الطُّرقِ ليضعَ أثرهُ فيها بعدَ الموتِ؛ فالموتُ يُلقي الضّوءَ على فرديَّة كلّ شخصٍ ورحلتهُ في المُجتمعِ.[٨] نظريةُ تمبلر - العامِلَين يُطلَق على هذهِ النظريَّةِ اسم نظريّةِ العامِلَين، حيثُ إنَّ خوفَ الموتِ مربوطٌ بعامِلينِ أساسيينِ هما:[٩] الحالةُ العامَّةُ للصحَّةِ النَفسيِّةِ لدى الفردِ حيثُ كلّما كان الفردُ غيرَ مُتّزنٍ نفسيّاً زادَ احتمالُ تعرُّضِه لوسواسِ الخوفِ من الموتِ. خبراتُ الحياةِ المُرتبطةِ بالصحَّةِ الجسديّةِ حيثُ تتحدَّدُ قوَّةُ وسواسِ الخوفِ من الموتِ بحسبِ صحَّتهِ الجسديّةِ وخبراتِ الموتِ للأقاربِ التي تعرَّضوا لها. نظريةُ تَدبُّرِ الهلعِ هذه النَّظريةُ تُعدُّ نظريّةً حديثةً نسبيّاً، وتَعزُو الخوفُ لقدرَةِ الفردِ على التّحليلِ النِسبيِّ وتكوينهِ للتوقُّعاتِ ونظرتهِ لنفسهِ، بحيثُ تزيدُ هذه الأمور من وعيِهِ بالموتِ وتُظهرُ استجاباتٍ انفعاليّةً لديهِ، وقد تتطوّر وتكبر لتُصبحَ وسواسَ خوفٍ من الموتِ.[١٠] نظريةُ ليفتون تذهبُ هذهِ النَّظريةُ إلى أنَّ فكرةِ الاستمراريّةِ تُمثِّلُ آليةً دفاعيّةً تجاهَ الموتِ، وأنَّ إحساسَ الفردِ بوجودهِ يمثِّلُ حافزاً يُساعدُ الفردَ على مُواجهةِ مَخاوفِ الموتِ، ويجعلهُ واعياً وقادراً على مواجهةِ الواقعِ.[١١]
كيف أتغلب على الخوف من الموت
كتب الله سبحانه وتعالى الموت على جميع خلقه فلا ينجو منه أو يهرب منه أحد، قال تعالى: "كلّ نفسٍ ذائقة الموت وإنّما توفّون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النّار وأدخل الجنّة فقد فاز، وما الحياة الدّنيا إلا متاع الغرور"؛ فالموت حقٌ وهو نهاية أجل الخلائق التي حدّدها الله، فالإنسان وهو في بطن أمّه يأتيه الملك من عند الله تعالى فيبعث فيه الرّوح ويؤمر بكتابة أربع كلمات، عمره وأجله ورزقه وشقيّ أو سعيد، فالأجل مكتوب منذ خلق الإنسان في بطن أمّه إلى أن يخرج الإنسان إلى الحياة. إنّ مسألة الخوف من الموت هي مسألة شائعة بين الخلائق، فلا أحد يحبّ أن يغيّب في التّراب ويتولّى عنه الصّحب والأحباب ليبقى في ظلمات الأرض بعيدًا عن متع الحياة ونورها، قال تعالى: "قل إنّ الموت الذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم"، فالنّفس تراها دائمًا في إقبال على الحياة وفرار من الموت وذكره. كيف نتغلّب على الخوف من الموت يستشعر كثيرٌ من النّاس بوجود مخاوف لديهم من الموت وذكره، والحقيقة أنّ الخوف من الموت هو قاسم مشترك بين جميع النّاس، ولكن قد يكون الخوف من الموت أمرًا طبيعيًّا لا يشغل الإنسان في حياته ولا يعطّله عن تأدية دوره فيها، وقد يكون الخوف من الموت مرضًا ملازمًا للنّفس يعطّل مسيرة حياتها وينغّصها، وحتّى يتغلّب الإنسان على مخاوفه من الموت عليه بما يلي: أن يذكّر الإنسان نفسه دائمًا بأنّ الحياة الدّنيا هي دار ممّر وزوال، وأنّ الحياة الآخرة هي دار المقامة والخلود، وأنّ بين الدّنيا والآخرة حياة البرزخ المؤقّتة، وأنّ الموت ما هو إلا انتقال لروح الإنسان من دارٍ إلى دار، فليس هو فناء للرّوح كما آمنت بذلك واعتقدت الأمم الضّالة، بل هو وسيلة تخلّص الإنسان من ضيق الحياة وتنقله إلى رحمة الله ورضوانه، كما يذكّر الإنسان نفسه دائمًا بأنّ القبر هو مرحلة عابرة كذلك وهو روضة من رياض الجنّة لمن آمن بالله تعالى وأحسن العمل. أن يدرك الإنسان أنّه لم ولن يسلم من الموت أحدٌ من النّاس، فما نجا منه نبيّ مجتبى أو ملك مقرّب، وقد مات خاتم الأنبياء جميعًا وهو خير النّاس. أن يعمّق الإنسان الإيمان في نفسه ويجذّره، وإنّ من شأن ذلك أن يهوّن على قلبه ونفسه أمور كثيرة ومن بينها الموت، فالإنسان المؤمن لا يخاف من الموت لعلمه برحمة الله تعالى بخلقه ولحسن ظنّه بربّ العالمين.
تعليقات
إرسال تعليق