خلال أمسية جميلة برفقة العائلة في البرية، نلاحظ أن البعض من أفراد العائلة يستمتعون بتناول الطعام والانخراط في الأحاديث الطويلة والممتعة مع الآخرين بينما البعض الآخر منشغلٌ بإبعاد الناموس عنه وحك جسده الذي امتلأ بقعاً حمراء اللون بسبب قرصات الحشرات والناموس! فهل يجد البعوض دم بعض الأشخاص ألذ وأخف على معدته من دم أشخاص آخرين؟ أم ما هو السبب الحقيقي وراء تفضيل الحشرة المزعجة للدغ بعض الناس وترك آخرين؟
الأخبار الجيدة أنك لست وحدك فهناك ما يقرب من 20% من الناس يعانون من المذاق الحلو لدمائهم لدى الناموس وفي هذا المقال سنذكر بعض الأسباب التي تعرضك للكثير من لسعات الناموس
هل يجد البعوض دم بعض الناس ألذ من غيره؟
منذ آلاف السنين، والبعوض يعتبر ألد أعداء الإنسان، فتقارير صحية تُشير إلى أنه يتسبب بوفاة مليون شخص حول العالم سنوياً بسبب الأمراض الميكروبية التي ينقلها ويسببها، مثل الملايا، حمى الضنك، حمى غرب النيل والوادي المتصدع، فيروس زيكا وغيرها من الأمراض التي تفتك بالناس سنويا خاصة في الدول النامية والفقيرة.أما الحقيقة الصادمة، فإن البعوض لا يمتص دمك كنوع من الغذاء، بل على العكس تماما، فهذه الحشرة لا تتغذى على الدماء، وإنما تقوم أنثى البعوض بلدغك وامتصاص دمك لتنشيط الجهاز التناسلي لديها ووضع البيوض الملقحة والناضجة، ما يعني أن ذكور هذه الحشرة ليس لها علاقة بقائمة الأمراض الطويلة التي يسببها البعوض للإنسان.
1.نوع الدم:
يحاول الناموس امتصاص الدماء من البشر في محاولة للحصول على البروتين مما يعني أنها قد تجد بعض أنواع الدماء أكثر لذة من البعض الآخر ففي بعض الدراسات تبين أن الناموس يحب امتصاص الدماء من نوع O مرتين أكثر من الدماء من النوع A ويقع الأشخاص ذوي الدم من نوع B في الوسط بين A و O. تستطيع حشرة الناموس أن تتعرف على المواد الكيميائية التي تصدرها أنواع الدماء خلال الجلد لتتعرف على نوعه وهذا بنسبة 85% أما 15% اباقين فتقوم الناموسة بقرصهم أولًا وتمتص دمائهم بصرف النظر عن نوعه
2.أكسيد الكربون:
يستطيع الناموس أن يشتم رائحة ثاني أكسيد الكربون التي يتنفسها الانسان باستخدام عضو لديها في الفك العلوي من مسافة 164 قدم. فكلما كانت كمية ثاني أكسيد الكربون التي يطلقها الانسان أثناء التنفس كبيرة كلما جذبت الناموس بشكل أكبر وهذا أحد الأسباب التي تجعل الأطفال أكثر عرضة للسعات الناموس
أسباب انجذاب البعوض لأشخاص دون آخرين
وفقا للعديد من الأبحاث والتقارير، فإن البعوض ينجذب فعليا إلى أشخاص دون آخرين، ويتوقف الأمر على عدد من العوامل المختلفة التي تجعل جاذبية الحشرة المزعجة لبعض الأشخاص أكثر من غيرهم. من هذه العوامل والأسباب ارتفاع نسبة الكوليسترول والمركبات الستيرويدية على جلد الإنسان، وهنا عندما نقول الجلد فنحن لا نعني كوليسترول الدم، فقد يكون كوليسترول الدم في مستوياته الطبيعية أو أقل لكن انجذاب البعوض يزداد بسبب زيادة نسبة الكوليسترول على الجلد.
عامل آخر وهو ارتفاع إنتاج غاز ثاني أكسيد الكربون من الجلد، وهي خاصية تكثر لدى الأشخاص الكبار والبالغين، لذلك نجد أن الصغار قليلا ما يُلدغون. كما أن النساء الحوامل أكثر عرضة للتعرض للدغ الناموس المزعج والحشرات بسبب زيادة إنتاج جسد السيدة الحامل لغاز ثاني أكسيد الكربون.
عامل ثالث وهو زيادة إنتاج المركبات الحامضية على الجلد مثل حمض اليوريك، فرائحة هذه المركبات تُثير البعوضة وتجذبها عن بعد عشرات المترات لتلدغ الضحية وتمتص دمه، لذلك نجد أن مدمني الكحوليات عرضة أكثر لقرص الناموس عن غيرهم من غير المدمنين لنفس السبب السابق.
ضحية أخرى من ضحايا البعوض هم الأشخاص ذوي الحركة الكثيرة، فحركة الجسم المتواصلة تعمل على إنتاج حمض اللكتيك من الغدة الدرقية ما يزيد من حموضة الجلد ويجذب البعوضة لتؤدي مهمتها التي خُلقت لأجلها!
عوامل أخرى عديدة ربطها الباحثون خلال دراساتهم سبب تفضيل الحشرة لبعض الفرائس عن غيرها، منها حرارة الجسم، فكلما ارتفعت حرارة الجسد زاد تعرق الجلد وزاد خروج المركبات الحامضية مع العرق ما يجذب الحشرة مباشرة. كما أن البعوض ينجذب للدغ الرجال أكثر من الإناث والأشخاص البدينين وأصحاب فئة الدم O.
كما رصد الباحثون اختلافات عديدة لدى البعوض نفسه في اختيار أماكن اللدغ بجسد الإنسان، فبعض الحشرات تنجذب إلى اليدين والقدمين، أما البعض الآخر فيفضل رائحة الخاصرتين والإبطين. لذلك نجد أيضا أن العوامل الجينية والكيميائية والتي تلعب دورا مهما في تحديد رائحة الجسم هي من تجذب أو تنفّر الحشرة عن اللدغ.
خلال دراسة تم إجراؤها في المملكة المتحدة على متطوعين من التوائم، تبين أيضا أن الجينات تلعب دورا مهما في تحديد نوع البكتيريا التي يُمكن أن تعيش وتزدهر داخل الأمعاء. ففي جسد الإنسان الطبيعي، يتواجد حوالي 100 ترليون ميكروب ما يعني أن الميكروبات في أجسامنا تفوق عدد خلايانا الحية! واتضح أن جسم الإنسان لا يختار هذه الميكروبات، بل هي من تختاره وفق عوامل كيميائية معينة، تماما كالبعوض الذي يختار ضحيته وفق الرائحة التي يجدها كريهة أو جذابة وجميلة.
التمارين الرياضية والتمثيل الغذائي:
يمكن للناموس أيضًا أن يشتم رائحة حمض اليوريك والأمونيا والعديد من الأحماض التي تخرج مع العرق وهذه الرائحة تجتذب الناموس. ممارسة التمارين الرياضية ترفع من درجة حرارة الجسم مما تجتذب الناموس كما أن هناك العديد من العوامل الجينية والتي تحدد كمية حمض اليوريك وكلما زادت نسبة الحمض كلما اجتذب الناموس بشكل أكبر
بكتيريا الجلد:
وهناك بعض الدراسات الأخرى التي تربط بين لسعات الناموس ونوع وحجم البكتيريا التي تعيش بشكل طبيعي على جلد البشر. في دراسة نشرت عام 2011 أوضح العلماء أنه كلما كبرت كمية البكتيريا من نوع واحد على الجلد كلما كان أكثر جذبًا للناموس ولكن كلما اختلفت أنواع البكتيريا على الجلد كلما قل جذبه للناموس وهذا يفسر كثرة لسعات الناموس على الكاحلين والقدمين لأنها تحتوي على كمية بكتيريا مناسبة للناموس
تناول الكحوليات:
تناول الكحول يرفع من نسبة الايقانول في العرق مما يزيد من جذب الناموس للجلد كما أنه يرفع درجة حرارة الجسم وهذا عامل آخر لاستثاغة الناموس لقرصك
الحمل:
هناك العديد من الدراسات التي اكتشفت أن النساء الحوامل أكثر جذبًا لقرصات الناموس مرتين أكثر من أي شخص آخر وذلك لسببين أولهما أنهن يخرجن كمية أكبر من ثاني أكشيد الكربون أثناء الزفير والثانية أن درجة حرارة أجسامهن تكون أعلى بقليل من النساء الأخريات
لون الملابس:
يستخدم الناموس الألوان في بعض الأحيان لتحديد مكان البشر مما يعني أنها ترى بعض الألوان أكثر من غيرها مثلًا الأسود والأزرق الغامق والأحمر من أكثر الألوان التي تجذب الناموس طبقًا لجيمس دي عالم الحشرات في جامعة فلوريدا
عوامل وراثية:
تؤثر العوامل الجينية في قرصات الناموس بنسبة 85% بصرف النظر عن كل العوامل التي سبق ذكرها وهذه الجينات التي تجذب الناموس تجاه البشر لم يتم تحديدها بعد
في النهاية، يبدو أن العلماء ربطوا انجذاب البعوض إلى أشخاص دون آخرين لعوامل كيميائية وجينية مسؤولة عن تكوين الرائحة التي قد تجذب أو تنفر الحشرات منها. وكما ذكرنا سابقا، فالعديد من العوامل تجعل منك إما ضحية سهلة ولذيذة للحشرة الأنثى أو تجعل الحشرات تبتعد عنك بمجرد أن تشتم رائحتك!
تعليقات
إرسال تعليق