القائمة الرئيسية

الصفحات



تسبب اضطرابات النوم صعوبة النوم ليلاً أو تجعلك تستيقظ متعباً في الصباح وتبقى متعباً طوال اليوم. إن أكثر أنواع اضطرابات النوم انتشاراً هي:

• الأَرَق – صعوبة في دخول حالة النوم أو في البقاء نائماً

• انقطاع النفس أثناء النوم – أي تقطُّع التنفس في أثناء النوم

• متلازمة تململ الساقين – إحساس بالوخز أو اللسع في الساقين

• النوم الانتيابي – "هجمات نوم" نهارية

إن الكوابيس والرُّهابات الليلية والمشي والكلام أثناء النوم وحركات الرأس العنيفة والتبول في الفراش والكلام أثناء النوم وصرير الأسنان، كلها أنواع من مشاكل النوم تُدعى باسم "الخَطل النومي". وهناك معالجات لمعظم اضطرابات النوم، لكن الالتزام بأوقات محددة للنوم والاستيقاظ يكون كافياً في بعض الحالات.
تعدُّ اضطراباتُ النوم من الحالات الشَّائعة جداً، والتي يمكن التغلُّبُ عليها.
من الضروري فهمُ العوامل المؤثِّرة في النوم ومدى أهمِّيته.
يشرح هذا البرنامجُ التثقيفي بعضَ الحقائق عن النوم واضطراباته وكيفيَّة علاجها. 


النوم


حين ننام، يتوقَّف جسمُنا عن النشاط، ولكنَّ الدماغ يبقى نشطاً جداً. ويؤثِّر النومُ في وظائفنا اليومية وصحَّتنا الجسدية والذهنية بأكثر من طريقة. ولقد بدأ الباحثون اليومَ بفهم تلك الطرق.

يمرُّ الأشخاص عادةً بدورة نوم مؤلَّفة من خمس مراحل:
أوَّلاً، المرحلة الأولى – النُّعاس.
ثانياً، المرحلة الثانية – النوم الخفيف.
ثالثاً، المرحلة الثالثة – النوم العميق.
رابعاً، المرحلة الرابعة – النوم العميق ذو الموجات البطيئة.
خامساً، نوم الرِّيم – نوم حركات العين السَّريعة.

ونحن نُمْضي حوالي نصف مدَّة نومنا الإجمالية في المرحلة الثانية من النوم، وحوالي عشرين بالمائة من المدَّة في نوم الريم، والثلاثين بالمائة المتبقِّية من المدَّة في المراحل الأخرى من النوم. أمَّا الأطفال فيمضون نصف فترة نومهم في مرحلة نوم الريم.

خلال المرحلة الأولى، أي النوم الخفيف، نتقلَّب في نومنا ويسهل إيقاظُنا. وتكون حركة أعيننا والعضلات بطيئة جداً. كما يسبق تقلُّصاتُ العضلات، والتي تسمَّى الرمع العضلي المرافق للنوم، إحساسٌ بالاستغراق في النوم. أمَّا في المرحلة الثانية من النوم، فتتوقَّف حركات العينين ويبطؤ نشاط الدماغ.

وفي المرحلتين الثالثة والرابعة، تظهر موجاتٌ دماغية بطيئة جداً. ومن الصعب جداً أن نوقِظ شخصاً غارقاً في المرحلتين الثالثة والرابعة من النوم، واللتين تُسمَّيان النومَ العميق. وفي هاتين المرحلتين، لا تتحرَّك العينان أو ولا يظهر نشاط في العضلات.

إذا أُوقِظ شخصٌ في مرحلة النوم العميق، نجده لا يتأقلم بسرعة، حيث يترنَّح ويشعر بالارتباك لبضع دقائق. كما أنَّ بعضَ الأطفال يبلِّلون أسرَّتهم أو يشعرون بالرعب أو يسيرون في نومهم في مرحلة النوم العميق.

خلال نوم الريم، يصبح التنفُّسُ سريعاً وسطحياً وغير منتظم. وتتحرَّك أعيننا بسرعة في جميع الاتِّجاهات، وتُصاب عضلات الأطراف بشلل مؤقَّت؛ ثمَّ تزداد سرعةُ ضربات القلب، ويرتفع ضغطُ الدم، ويحصل انتصاب القضيب لدى الذكور. وحين يستيقظ الأشخاصُ من هذه المرحلة من النوم، غالباً ما يخبرون الآخرين عن أحلامهم التي حلموا بها في تلك المرحلة، والتي يصفونها بأنها غريبة وغير منطقية عادةً.

تستغرق دورةُ النوم الكاملة حوالي تسعين دقيقة إلى مائة وعشر دقائق. وتتألَّف دوراتُ النوم الأولى في الليل من فترات قصيرة من نوم الريم وفترات طويلة من النوم العميق. وكلَّما تقدَّم الليل زادت فترةُ نوم الريم طولاً، وقصُرت فترة النوم العميق. وعند بلوغ الصباح، نمضي كلَّ فترة النوم في المراحل الأولى والثانية ونوم الريم.

إذا اضطرب النومُ، لا تتَّبع أجسامُنا دورة النوم الطبيعية نفسها في المرَّة التالية التي ننام فيها، بل يدخل الجسمُ في مرحلة نوم الريم مباشرةً، ونمرُّ بفترات طويلة من نوم الريم حتى نستطيعَ "تعويض" ما فاتنا من تلك المرحلة من النوم.

إحتياجات النوم
يحتاج كلُّ شخص إلى قسط معيَّن من النوم، وذلك وفقاً لعدَّة عوامل، ومنها السن. ويحتاج الأطفالُ عادةً إلى ستَّ عشرة ساعة من النوم يومياً، بينما يحتاج المراهقون إلى تسع ساعات يومياً.

يحتاج معظمُ البالغين إلى سبع أو ثماني ساعات تقريباً من النوم ليلاً، بالرغم من أنَّ بعض البالغين قد يحتاجون إلى خمس ساعات فقط، بينما قد يحتاج بعضُهم إلى عشر ساعات من النوم يومياً.

قد يحتاج الشخصُ إلى المزيد من ساعات النوم، خاصَّةً إذا لم يحصل على قسطٍ كافٍ من النوم في ليالٍ سابقة؛ حيث يشكِّل الحرمانُ من النوم "ديْناً" يُشبه السحبَ من مصرف النوم. وفي النهاية، سيحتاج جسمُك إلى أن تعيد له ذلك الدين!

لا يستطيع الأشخاصُ التأقلمَ مع النوم القليل بسهولة؛ فبالرغم من أنَّهم يستطيعون الاعتيادَ على نمط حياة تقلُّ فيه ساعات النوم، إلاَّ أنَّ ذلك يؤثر في أحكامهم وسرعة ردَّة فعلهم وغيرها من الوظائف الحيوية.

لقد أظهرت الكثيرُ من الدراسات أنَّ الحرمانَ من النوم أمرٌ خطير؛ فعند فحص الأشخاص المحرومين من النوم بواسطة محاكي القيادة، أو عند أداء المهام التي تتطلَّب تناسقَ حركة اليدين مع حاسَّة النظر، فإنَّهم يؤدَّون أداءً سيِّئاً يعادل سوء أداء الأشخاص الذين قد تناولوا مسكراً أو حتَّى يفوقه سوءاً.

يسبِّب نعاسُ السائقين حوالي مائة ألف حادث سيَّارة وأكثر من ألف وخمسمائة حالة وفاة سنوياً، وذلك وفقاً لإحصاء أجرته الإدارةُ الوطنية لسلامة القيادة على الطرق السريعة.

منافع النوم
بالرغم من أنَّ العلماء لا يزالون في طور التعرُّف على الأسباب الحقيقية لحاجة الناس إلى النوم، إلاَّ أنَّ الدراسات أثبتت أنَّ النومَ ضروري جداً للاستمرار في البقاء؛ فمثلاً، تعيش الجرذانُ من سنتين إلى ثلاث سنوات، ولكنَّ الدراسات أظهرت أنَّ الجرذان المحرومة من نوم الريم لا تعيش أكثر من خمسة أسابيع تقريباً. كما تعيش الجرذان المحرومة من كلِّ مراحل النوم حوالي ثلاثة أسابيع فقط!

يؤثِّر الحرمانُ من النوم سلباً في الجهاز المناعي. كما أنَّ النوم ضروري لوظيفة الجهاز العصبي.

إنَّ قلَّةُ النوم تشعرنا بالنعاس، وتفقدنا القدرةَ على التركيز. كما تؤدِّي إلى مشاكل في الذاكرة وقلَّة الرشاقة في الحركة، بالإضافة إلى ضعف القدرة على أداء العمليات الحسابية. وإذا استمرَّ الحرمانُ من النوم فقد يتطوَّر الأمر إلى حصول الهلوسات والتقلبُّات المزاجية.

يؤثِّر النومُ العميق في هرمون النموِّ الهام لدى الأطفال والمراهقين. وتتجدَّد معظمُ خلايا الجسم في أثناء النوم العميق؛ فهي تنمو وتصلح التلفَ الذي يسبِّبه الإجهاد والأشعَّة ما فوق البنفسجية. لذا يعدُّ النومُ العميق النومَ المعزِّز "للجمال" بالفعل.

إضطرابات النوم
يعاني الملايينُ من الناس من اضطرابات النوم المزمنة سنوياً، كما يعاني حوالي عشرين مليوناً منهم من اضطرابات النوم المؤقَّتة. وتؤثِّر اضطرابات النوم والحرمان منه في العمل والقيادة والأنشطة الاجتماعيَّة.

تكلِّف اضطراباتُ النوم حوالي ستَّة عشر مليار دولار من تكاليف طبِّية سنوياً، بينما تتسبَّب عوامل أخرى، ومنها هدر الأعمال، بتكاليف أكبر.

هناك أكثر من سبعين نوعاً مختلفاً من اضطرابات النوم. ويمكن السيطرة على معظم تلك الاضطرابات عندما يتمُّ تشخيصُ الإصابة بها.

إنَّ أكثر اضطرابات النوم انتشاراً هي:
الأرق.
انقطاع النفس النومي.
متلازمة تململ الساقين.
التغفيق.


الأرق
يعاني الكثيرُ من الأشخاص من أرق مؤقَّت بين فترةٍ وأخرى.

يصف الأطبَّاءُ الأقراصَ المنوِّمة لعلاج الأرق أحياناً. ولكن، تفقد معظمُ الأقراص المنوِّمة فعَّاليتَها بعد عدَّة أسابيع من الاستخدام الليلي، كما يؤثِّر الاستخدامُ المطوَّل لتلك الأقراص في النوم الجيِّد.

يحاول بعضُ الناس الذين يعانون من الأرق شربَ الكحول لمساعدتهم على النوم، وهذا خطأ فادح؛ فقد يساعد شربُ الكحول الشخص على النوم، إنَّما هو يؤثِّر في نوعية النوم التي تصبح سطحية أكثر وغير عميقة، فضلاً عن أضراره الصحِّية الكثيرة.

ينام المدخِّنون نوماً خفيفاً، ويمضون وقتاً أقلَّ في مرحلة نوم الريم عادةً. كما يستيقظون بعدَ ثلاث أو أربع ساعات من النوم عادةً، بسبب ظهور أعراض امتناعهم عن النيكوتين في أثناء النوم.

يمكن تفادي الأرق الخفيف وعلاجه عبر ممارسة عادات نوم صحِّية. ويقوم الباحثون بتجربة العلاج بالضوء وغيره من أنواع العلاج لمعالجة مشكلة الأرق الحاد.

انقطاع النفس أثناء النوم
يعاني الملايينُ من الناس من انقطاع النفس النومي. ولكن لا يتمُّ تشخيص الإصابة إلاَّ لدى القليل منهم.

انقطاعُ النفس النومي هو انقطاع للتنفُّس في أثناء النوم. وهو يرتبط بالسمنة وضعف العضلات مع التقدُّم في العمر. وتسبِّب هاتان الحالتان انخماصاً في الرُّغامى عند ارتخاء العضلات خلال النوم. وتُسمَّى هذه الحالةُ انقطاع النفس النومي الانسدادي، وهي تسبِّب شخيراً عالي الصوت عادةً.

خلال نوبة انقطاع النفس الانسدادي النومي، يشكِّل المجهودُ الذي يبذله الشخصُ حالة شفط تسبِّب انخماصاً في الرغامى، حيث يُسدُّ مجرى الهواء لمدَّة تتراوح بين عشر ثوانٍ إلى ستِّين ثانية، بينما يصارع الشخصُ النائم كي يتنفَّس.

عندما يهبط مستوى الأكسجين في الدم، يستجيب الدماغُ عبر إيقاظ الشخص كي يشدَّ عضلات مجرى الهواء ويفتح الرغامى. وقد يشهق الشخصُ أو يلهث، ثمَّ يعود فيشخر من جديد. ويمكن أن تتكرَّر هذه الدورة مئات المرَّات خلال الليل.

يشعر مرضى انقطاع النفس النومي الانسدادي بنُعاس دائم من كثرة استيقاظهم طوال الليل. كما قد تسبِّب الحالةُ تغيُّرات في شخصياتهم، فيصبحون سريعي الانفعال أو يصابون بالاكتئاب.

يسبِّب انقطاعُ النفس النومي الانسدادي حرمانَ الأشخاص من الأكسجين الذي قد يؤدِّي إلى:
الصُّداع الصباحي.
فقدان الرغبة في ممارسة الجنس.
ضعف الوظائف الذهنية.
ارتفاع ضغط الدم.
اضطرابات النبض.
زيادة خطر الإصابة بالنوبة القلبية أو السكتة الدماغية.

يكون الأشخاصُ الذين يعانون من انقطاع النفس النومي الانسدادي الحاد، ولم يُعالجوا منه، هم أكثر عرضةً لحوادث السير بضعفين أو ثلاثة أضعاف من غير المصابين.

على المرضى الذين يُعانون من أعراض انقطاع النفس النومي، كالشخير والسمنة والشعور الدائم بالنعاس خلال النهار، استشارة اختصاصي في أحد مراكز معالجة مشاكل النوم؛ فقد يجري هذا الاختصاصي فحصاً يُسمَّى فحص النوم المتعدِّد.

يسجِّل فحصُ النوم المتعدِّد الموجات الدماغيَّة ونبضات القلب والتنفُّس خلال النوم طوال الليل. وإذا تمَّ تشخيصُ الإصابة بانقطاع النفس النومي، فهناك عدَّةُ طرق لعلاجه.

يمكن التخلُّصُ من انقطاع النفس النومي أحياناً عبر إنقاص الوزن؛ كما يمكن للمريض تفادي النوم على ظهره. وهناك أيضاً بعضُ الأدوات أو العمليَّات الجراحية التي تساعد على تصحيح الانسداد الذي يسبِّب انقطاع النفس النومي.

يمكن للمرضى ارتداء وسيلة خاصَّة كلَّما ناموا؛ ويعرف هذا الجهازُ بجهاز الـضغط الإيجابي لمجرى الهواءCPAP، حيث يُستخدم ضغطُ الهواء لإبقاء مجرى الهواء لدى المريض مفتوحاً في أثناء النوم. ويعدُّ هذا الجهازُ نافعاً جداً في معالجة مشكلة انقطاع النفس النومي.

يجب على مرضى انقطاع النفس النومي عدم تناول الأقراص المنوِّمة أو المهدِّئات، لأنَّها قد لا توقظهم بشكل كافٍ كي يتنفَّسوا.

متلازمة تململ الساقين


تعدُّ متلازمةُ تململ الساقين مرضاً وراثياً يسبِّب إحساساً مزعجاً بالوخز أو التنمُّل في الرجلين أو الساقين؛ فيشعر المريضُ بحاجة ملحَّة لتحريك رجليه كي يرتاح. ولقد أصبحت متلازمةُ تململ الساقين من أكثر اضطرابات النوم شيوعاً بين المسنِّين.

تصيب متلازمةُ تململ الساقين الملايين من الناس، وهي تسبِّب تحريكَ الساقين بشكل دائم نهاراً والأرق ليلاً. وتكون متلازمةُ تململ الساقين الشديدة أكثرَ شيوعاً بين المسنِّين، بالرغم من أنَّ أعراضها تظهر لدى الأشخاص في أيِّ سن. وفي بعض الحالات، تسبِّب حالاتٌ مرضية أخرى هذه المتلازمةَ، مثل فقر الدم أو السكَّري أو الحمل.

هناك بعضُ الأدوية التي تساعد على معالجة متلازمة تململ الساقين. وقد يساهم التعرُّفُ على أسباب الإصابة بمتلازمة تململ الساقين في إيجاد طرق علاجيَّة أفضل للحالة في المستقبل.


التغفيق


يعاني المصابون بالتغفيق من نوبات نوم عدَّةَ مرَّات خلال النهار، حتى إذا حصلوا على قسطٍ كافٍ من النوم خلال الليل. ونوبةُ النوم هي فترةٌ مفاجئة من النوم في أثناء اليقظة. يظنُّ العلماء أنَّ سببَ هذا المرض هو عجز الدماغ عن تنظيم دورات النوم واليقظة بشكلٍ طبيعي.

تتراوح مدَّةُ نوبات النوم ما بين بضع ثوانٍ وحتَّى أكثر من ثلاثين دقيقة. كما يعاني المصابون بالتغفيق من:
الجُمدة – عدم القدرة على التحكُّم بالعضلات في المواقف الانفعاليَّة.
الهلوسات.
اضطراب النوم الليلي.
الشلل المؤقَّت عند الاستيقاظ.


التغفيقُ مرضٌ وراثي عادةً، ولكنَّه يرتبط أحياناً بتلف دماغي سببه إصابة في الرأس أو مرض عصبي.

يمكن للأدوية المنبِّهة أو مضادَّات الاكتئاب أن تساعد على معالجة التغفيق. كما يساعد أخذُ قيلولة خلال النهار على تخفيف النعاس الزائد في أثنائه.

نم جيداً


من الأفضل أن يكونَ لدى المرء برنامجٌ محدَّد للنوم والاستيقاظ. كما أنَّه من الأفضل النوم والاستيقاظ في الوقت نفسه من كلِّ يوم، حتَّى خلال أيَّام عطلة نهاية الأسبوع وأيام الأعياد. يجب أن ينام الشخص حتَّى طلوع الشمس إن استطاع، فإن لم يستطع، فينبغي إشعال أضواء ساطعة صباحاً.

تساعد التمارينُ الرياضية اليومية على تحديد أنماط النوم، خاصَّةً إذا قام بها الشخصُ قبل خمس أو ستِّ ساعات من موعد نومه.

يجب أن يسترخِي الشخصُ قبل الذهاب إلى النوم. وتساعد القراءةُ ومشاهدة التلفاز والصَّلاة والتأمُّل على القيام بذلك. ويجب تجنُّب الكافيين والنيكوتين.

يجب ألاَّ يستلقي الشخصُ في السرير إذا كان لا يستطيع النوم؛ بل فليقم بشيء ما، كالقراءة أو مشاهدة التلفاز مثلاً. ويزيد الشعورُ بالإحباط نتيجة العجز عن النوم من الأرق سوءاً. كما أنَّ الحفاظ على درجة حرارة مناسبة في غرفة النوم قد يقلِّل من اضطرابات النوم.

يجب استشارة الطبيبُ إذا استمرَّت اضطرابات النوم لدى الشخص؛ فهناك عدَّةُ طرق وأدوية تساعد على النوم بشكل أفضل.

تعدُّ اضطراباتُ النوم شائعةً، وقد يكون لها عواقب خطيرة. ولكن يمكن معالجتها.

قد يساعد تحسينُ عادات النوم واستشارة الطبيب، عند استمرار مشاكل النوم، في الحصول على نوم أفضل ليلاً!

دراسات تؤكد العلاقة بين اضطرابات النوم وأمراض كالبدانة والسكّري


مع تسارع نمط الحياة العصرية وزيادة معدلات الأمراض المزمنة وعوارض الخطر الناتجة عنها، نكتشف كل مرة علاقة جديدة تربط بين تلك الأمراض وظواهر حياتية نعاني منها ولا نعلم أسبابها.

قلة النوم وهرمون الأنسولين


وأشارت أبحاث حديثة أن أكثر من 80% ممن يعانون من مرض السكري، النمط الثاني، ربما يكونون أكثر عرضة لانقطاع التنفس خلال النوم، ويرجّح أيضاً إمكانية مساهمة اضطرابات النوم بالإصابة بمرض السكري مستقبلاً.

وقد أكد الأطباء والمختصون بطب النفس والأمراض العصبية أن النوم لفترات طويلة يمكن أن يضعف مقاومة الأنسولين وهو ما يُعد إشارةً للإصابة بالسكري، مؤكدين أن النوم لا يقل أهميّة عن النظام الغذائي وممارسة التمارين الرياضية حينما يتعلّق الأمر بالسيطرة على أعراض السكري.

خطر حقيقي


وبحسب الدكتور إرشاد ابراهيم المختص بالطب النفسي والأمراض العصبية، فإن ندرة النوم تشكل خطراً حقيقياً خاصةً لمن لديهم الاستعداد للإصابة بالسكري كالأشخاص البدينين أو الذين يملكون تاريخ عائلي للمرض.

مؤكّداً أنه من الضروري النوم بين 7 ساعات ونصف إلى 9 ساعات يومياً بحسب العمر والحالة الصحيّة، ومشدّداً على أهمية الرياضة في تحسين أنماط النوم، كما أن القيلولة النهارية بين 30 – 40 دقيقة تساعد على استكمال حاجة الإنسان الطبيعية للنوم، بالإضافة إلى اختيار فراش ووسائد مريحة لتجنب الانزعاج خلال النوم.

يزيد شهيتنا للسكريات والدهون


كما أكدت الدكتورة كارينا باتيل وجود علاقة وثيقة بين قلة النوم وزيادة الوزن، حيث أن الحرمان من النوم يؤدي إلى الشعور بالإرهاق بسبب قلة مستويات الطاقة، مما يجعلنا غير قادرين على ممارسة النشاط البدني، ويؤثر أيضاً على شهيتنا وعلى عملية التمثيل الغذائي حيث يزيد النوم المتقطع الرغبة في تناول الأطعمة ذات الطاقة العالية مثل السكر والدهون والكربوهيدات.

أنماط اضطرابات النوم


يتّخذ الأرق عدة أشكال أو أنماط، منها:

- صعوبة الاستغراق في النوم؛ إذ يظلّ المريض مدةً طويلةً يحاول الدخول في النوم من دون جدوى.

- اليقظة التي تتخلّل النوم بصورة متكررة.

- الاستغراق السهل في النوم، لكن المرضى يستيقظون مبكراً جداً في الساعة الرابعة أو الثالثة فجراً، مع صعوبة العودة إلى النوم مرةً أخرى.

ولا يخلو الأمر من أن يكون كلّ منا قد مرّ في حياته بحالة من هذه الحالات، لكن لا يُطلق مصطلح الأرق إلا إذا كانت الحالة مستمرةً يومياً، وإلا إذا كان يتبع ذلك وجود صعوبة في قيام الفرد بوظائفه اليومية من جرّاء الشعور بالتعب والإرهاق، والثورة والتهيّج، ومعاناته من صعوبة التركيز في التفكير أو في العمل، وغير ذلك من الآثار التي تنجم عن الحرمان من النوم.

تسبّب اضطرابات النوم إزعاجاً لصاحبها؛ لذلك يهتمّ بها، ويحاول التخلّص منها، وهو يتوقّع الشعور بالقلقanticipatory anxiety عندما يشرع المريض في الذهاب إلى الفراش، أو عندما يأخذ في تغيير ملابسه استعداداً للنوم، ويسأل نفسه: هل ستكون هذه الليلة مثل سابقتها، وسوف أجد صعوبةً في الاستغراق في النوم؟!. ومثل هذا التفكير يجعله يعاني فعلاً الأرق في هذه الليلة، ويدخل المريض في حلقة مفرغة؛ فهو يقلق حول احتمال عدم النوم، ومن شأن هذا القلق أن يحرمه فعلاً من النوم.

أسباب الإصابة بالأرق


أما عن الأسباب التي قد تقود إلى الإصابة أو المعاناة بالأرق، فهي كثيرة ومتعددة، منها: العقاقير أو الأدوية، والكحول، والمخدرات، والكافين، والنيكوتين، والضغوط النفسية والاجتماعية والنفسية، والقلق، والأمراض أو الآلام الجسمية، والاضطرابات النفسية، وعدم النشاط أو الكسل والخمول أو عدم الحركة، وعدم صلاحية المكان للنوم كوجود الضوضاء العالية، وعادات النوم السيئة، وأسباب ذاتية أخرى؛ فقد يعتقد المريض أن مقدار نومه غير كافٍ، بينما يكون نومه كافياً؛ بمعنى أن الإنسان يخطئ في تقدير كمية نومه، مع ملاحظة أن هناك فرقاً بين الذهاب إلى الفراش والنوم نفسه. ومن الأخطاء الشائعة أن الإنسان يذهب إلى الفراش ثم يأخذ في التفكير في مشكلاته اليومية التي مرّ بها في أثناء النهار، ومن شأن هذا التفكير أن يحول بينه وبين النوم.

ويُلاحظ أن موجات المخ لا تُؤخذ دليلاً على النوم الحقيقي؛ فالإنسان قد ينام فعلاً، لكنه يعتقد أنه لم ينم؛ فاليقظة الزائدة أو فرط اليقظة قد توحي بعدم النومhypervigilance. ويلاحظ أن الأدوية التي تُوصف لعلاج الأرق، أو التي تسبب النوم، تفقد مفعولها إذا تمّ استخدامها مدةً طويلةً sleep-inducing drugs، بل قد تكون لها آثار سلبية؛ فأقراص النوم لا تسبّب النومsleeping pills، ومن المعالجات النافعة استخدام منهج العلاج النفسي القائم على أساس الاستبصار أو الفهمinsight theraoy؛ أي: فهم المريض ظروفه وأحواله ومشكلاته. وكذلك العلاج السلوكيbehavioural therapy، ويتضمّن هذا النمط من العلاج تدريبات على الاسترخاء، وتكوين عادات جيدة في النوم وفي الفراش. ومعروف أن العلاج السلوكي يعتمد على تقديم التعزيزات إلى السوكيات الجيدة أو المطلوبة.

وهناك ما يُعرف باسم (اضطراب النسق اليومي circadian rhythm)، ويحدث هذا الاضطراب عندما يحاول الإنسان أن ينام في أوقات لا تتناسب مع نسق السير كادين، وهو الحلقة أو الدائرة التي تحدّدها الساعة الحيوية أو البيولوجية في جسم الإنسان biological clocks. وقد يرجع هذا الاضطراب إلى ظروف نوبات العمل لدى المريض work shifts، خصوصاً العمال أصحاب النوبات، أو دورات العمل المتأخرة ليلاً late-shifts workers؛ إذ يحاولون الاستيقاظ في أيام الراحة عندهم في المواعيد السابقة نفسها التي ينام فيها زملاؤهم وأصدقاؤهم؛ لذلك يحدث خلل في دورة النوم/ اليقظة عندهم. وهذه الدورات قد تختلّ بسبب اتباع نظام تبادل الدورات، بمعنى أن العامل الذي كان يعمل ليلاً يصبح يعمل نهاراً، وهكذا rotating shifts. وفي مثل هذه الحالات تقلّ مدة النوم لدى العامل؛ لذلك قد يلجأ إلى أخذ مدة قصيرة من النوم في أثناء العمل. وفي مثل هذه الحالات يعاني العامل المشكلات الصحية؛ بسبب عدم انتظام نظام النوم/ اليقظة عنده. لكن هذا الاضطراب قد يحدث لأسباب غير دورات العمل أو نوباته؛ فهناك أشخاص ينامون مبكراً أو متأخراً خلافاً لما يرغبون، أو خلافاً لما يعدّونه الأمر السويّ، أو الأمر المرغوب فيه. هؤلاء ينامون ليلاً قدراً كافياً، لكن ليس في الأوقات التي يرغبون فيها. وهنا يتدخل عامل السنّ أو العمر؛ فكبار السن قد ينامون في مدة الظهيرة؛ لذلك يستيقظون مبكراً، وأحياناً يحدث هذا لبعض الأطفال؛ فينام الطفل بالنهار، ويستيقظ ليلاً، ويصرّ على إيقاظ الوالدين. ويمكن علاج هذه الحالة عن طريق تغيير مواعيد النوم واليقظة، وتأخيرها بصورة منظّمة، ويطلق على هذا المنهج في العلاج الزمني chronotherapy. ومن بين اضطرابات النوم كذلك: الفزع الليلي night terrors، والكوابيس nightmares، والمشي في أثناء النوم sleepwalking، والكلام في أثناء النوم(1).

تعدّ اضطرابات النوم من الأعراض المهمة لمرض الاكتئاب، وأحياناً تتأثر مواعيد نوم الفرد وفقاً لمواعيد نوم رفقاء الحياة؛ إذ ينام معهم عندما ينامون، ويستيقظ عندما يستيقظون، ويحدث له خلل عندما تفارقه شريكة الحياة. ومن المعالجات الخاطئة لحالات الأرق تناول المهدئات والمنومات tranquilizwrsand sedatives for insomania، وتكمن خطورة استعمال هذه الأدوية في أنها تكوّن عادة الإدمان لدى المتناول habit forming؛ إذ يصبح المريض عاجزاً عن النوم من دونها، بل قد يتطلب زيادة الجرعات بصورة مستمرة، كما أن لها آثاراً جانبية كثيرة side effects، منها: الشعور بالنعاس أو الرغبة في النوم، والصعوبة في التنفس، مع إعاقة النشاط الحركي والعقلي لدى المريض، خصوصاً كبار السنّ الذين يعانون أصلاً بعض الاضطرابات، مثل: اضطرابات التنفس، واضطرابات في الكبد والكلى. يشعر المريض بشيء من الراحة بعد تناول هذه الأدوية، لكن بمرور الوقت، واستمرار التناول، تتكوّن لديه حالة التحمّل أو الاحتمالية؛ أي: قدرة جسمه على تحمّل تناول كميات كبيرة من هذه العقاراتtolerance، وتصبح الجرعات المعتادة لا تؤدي إلى النوم، وبذلك يضطر المريض إلى زيادة الجرعات بصفة مستمرة؛ حتى يصل إلى حدّ الخطر، بل إن التناول نفسه يخلق نوعاً من الأرق يرجع إلى تناول الأدوية drug-induced، وهنا يُحرم المريض من النوم العميق. إلى جانب ذلك، فإن هذه الأدوية تقلّل من مدة النوم الذي تصاحبه الحركات السريعة لجفن العين REM.Sleep، وهو النوم الذي تحدث فيه الأحلام(2).

ظاهرة النوم
النوم من الوظائف البيولوجية التي مازالت غامضةً إلى حدٍّ كبير. معظم الناس يحتاجون إلى ستّ ساعات من النوم أو ما يزيد على ذلك في كلّ ليلة؛ حتى يستطيع الفرد القيام بوظائفه في النهار، ولا يزال العلماء يحاولون فهم التغيّرات الحيوية والكيميائية التي تحدث في أثناء النوم، والتي تجعله يحقّق لنا مخزوناً من الطاقةrestorative function، أو التجديد واستعادة الطاقة، أو إحياء الطاقة، أو تجديد طاقة الإنسان، وتعويض الإنسان عن التعب والإرهاق. وكثير من الناس يعانون اضطرابات النوم، وإن كانت أسباب هذه الاضطرابات غير معروفة تماماً. وتسبّب اضطرابات النوم كثيراً من الإزعاج؛ بسبب شدّتها، أو كثرة تكرارها، أو إعاقتها بعض الوظائف في المجالات المهنية أو العملية أو الوظيفية، وكذلك في المجالات الاجتماعية، أو في غير ذلك من الأدوار التي يقوم بها الإنسان. لكن ما الذي يجعل النوم يساعد على تخزين الطاقة أو تجديدها restorative function؟

مراكز تشخيص اضطرابات النوم


هناك مراكز تمّ إنشاؤها لتشخيص اضطرابات النوم sleep disorder centers، يوجد عدد منها في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وذلك لتحديد اضطرابات النوم وتشخيصها بصورة متخصّصة. وهناك يقضي المريض بعض الليالي في هذه المراكز، ويتمّ ربط المريض بعدد من الأجهزة التي تقيس استجاباته الفسيولوجية في أثناء النوم، أو في أثناء محاولته النوم، ومن ذلك: موجات المخ، وضربات القلب، ومعدلات التنفس، وغير ذلك من الوظائف البيولوجية المصاحبة للنوم، أو التي تسبق النوم. وتقيس هذه الأجهزة -في وقت متزامن- الوظائف الفسيولوجية، بما في ذلك موجات الدماغ، وحركات جفن العين، والحركات العضلية والتنفس. وتجمع هذه المعلومات مع الفحوص الطبية، وكذلك ما يقرّره الفرد عن ذاته في أثناء النوم، واضطراباته، مع قياس المدة التي يقضيها الإنسان في الفراش قبل أن يستغرق في النوم، وكذلك حصر عدد ساعات النوم، وعدد مرات الاستيقاظ، ومدد النعاس التي يأخذها المريض في النهارdaytime naps، وغير ذلك من المعلومات. ويعمل في هذه المراكز أطباء من جميع التخصصات، وكذلك علماء النفس، ويدرس الجميع هذه المعلومات بغية الوصول إلى عمل نوع دقيق من التشخيص، ويقترحون مناهج العلاج التي تناسب كلّ حالة لمواجهة كلّ مشكلة من مشكلات النوم.

تقع مشكلات النوم في طائفتين من الاضطرابات، هما:اضطرابات النوم dyssomnias، واضطرابات الباراسومانيا parasomanias. ويتضمن النوع الأول اضطرابات في كمية النوم، ونوعية النوم أو جودته، أو أوقات النوم. ويمكن تمييز عدة اضطرابات فرعية من هذه المجموعة من اضطرابات النوم، هي:الأرق الأوّلي، والأرق الأوّلي الشديد، والأرق التخديريnarcolpsy، واضطرابات تصيب عملية التنفس في أثناء النوم، واضطرابات اختلال نسق النومcircadian rhythem sleep disorder.

الأرق الأوّلي


الأرق insomnia مصطلح مشتق من عبارة لاتينية تعني: عدم النوم، أو من دون النوم، ويلاحظ أن وجود حالات قليلة من الأرق في بعض المناسبات، خصوصاً في أوقات الضغط، لا يعني أن هذه الحالات هي حالات شاذة أو مرضية، وإنما يُطلق اضطراب الأرق على الحالات المستديمة فقط. وهناك حالة في كلّ ثلاث حالات من بين الراشدين في المجتمع الأمريكي يعانون حالات مزمنة أو مستديمة من الأرق في أيّ وقت من حياة الفرد. ويُلاحظ أن الأرق المزمن يصيب كبار السن أكثر من صغار السن، كما أنه يصيب النساء أكثر من الرجال؛ فصغار السن يشكون من صعوبة الدخول في النوم، وتستغرق محاولاتهم وقتاً طويلاً. أما كبار السن، فإنهم يشكون من تكرار مرات الاستيقاظ في أثناء النوم، أو من الاستيقاظ مبكراً في الصباح. وإذا استمر الأرق المزمن شهراً أو ما يزيد على ذلك كان ذلك دليلاً على وجود مشكلة فسيولوجية أو نفسية، مثل الاكتئاب؛ لذلك إذا تمّ علاج الاكتئاب علاجاً جيداً تزول حالة الأرق، ويستعيد المريض نمطه في النوم الطبيعي مرةً أخرى.

أما حالات الأرق التي لا ترجع إلى مشكلة فسيولوجية أو نفسية أخرى، أو لا يمكن إرجاعها إلى تناول العقاقير والأدوية، أو أيّ معالجة أخرى، فهنا نكون أمام اضطراب في النوم يُعرف باسم الأرق الأوّلي primary insomnia.والأشخاص الذين يعانون الأرق الأوّلي هذا يجدون صعوبةً في الاستغراق في النوم، أو البقاء من دون نوم، ولا يحصلون على نوم جيد يستعيدون معه طاقتهم ونشاطهم ويقظتهم، وإذا استمرت هذه الحالة عدة أشهر يُصاب المريض بالضعف.

تؤدي اضطرابات النوم إلى الشعور بالتعب والإرهاق في أثناء النهار، ويشعر الإنسان بالضيق والانزعاج، ويجد صعوبةً في أداء وظائفه الاجتماعية والمهنية وأدواره الأخرى؛ فالحرمان من النوم يعوق نشاط الفرد، أو تحصيل الطالب، وهذا النوع من الأرق هو أكثر أنواع الأرق انتشاراً.

وتؤدي العوامل النفسية دوراً مهماً في هذا النمط من الأرق؛ فمثل هؤلاء المرضى يصطحبون متاعبهم وقلقهم ومشكلاتهم معهم إلى الفراش، ومثل هذه المشكلات تجعلهم أكثر يقظةً لدرجة تحول بينهم وبين النوم، وبعد ذلك يشكون من عدم أخذ قسط وافر وكافٍ من النوم، وهو ما يضاعف من مشكلاتهم الخاصة بالنوم.

قد يحاول المريض إرغام نفسه على الدخول في النوم، وإن كان ذلك يخلق مزيداً من القلق والتوتر، وهو ما يجعل الدخول في النوم أكثر صعوبةً. ولا يستطيع الإنسان أن يرغم نفسه على النوم بالقوة، لكن في الإمكان إعداد المكان المناسب للنوم، والذهاب إلى الفراش عندما نشعر بالتعب فقط، وعندما نشعر بالاسترخاء، ونسمح للنوم أن يأتي بصورة طبيعية من دون إرغام.

اضطراب الأرق الأوّلي الشديد


يُشتق مصطلح الأرق الأوّلي الشديد primary hypersonmnia من عبارة يونانية تعني: أكثر من اللازم، أو أشد من الوضع الطبيعي، وصاحب هذا الاضطراب ينام كثيراً في النهار، وقد تستمر هذه الحالة شهراً أو أكثر كأن المريض في حالة سكر من النوم sleep drunkenness. وقد يجد الفرد صعوبةً في الاستيقاظ بعد أن يكون قد نام مدةً طويلةً نحو 8-12 ساعة، أو ينام المريض في النهار في كلّ يوم، سواء أكان ذلك بصورة مقصودة أم غير مقصودة؛ كأن يسقط الفرد في النوم في أثناء مشاهدته التلفاز. حتى إذا استمرت مدة نعاس النهار نحو ساعة أو أكثر فإن المريض لا يشعر بعدها بالانتعاش. وتُعرف هذه الحالة بأنها أوّلية؛ لأنها لا ترجع إلى أسباب أخرى، أو ظروف صحية أخرى، أو ترجع إلى تناول بعض المعالجات؛ لأن هناك حالات من الأرق ترجع إلى المعاناة من الاكتئاب أو من القلق، وإن كان كلّ منا قد يجد نفسه في حاجة إلى قدر من النعاس في أثناء النهار، وفي أثناء القراءة أو مشاهدة التلفاز، لكن المصاب بهذه الحالة يستغرق في النوم بصورة مستديمة لدرجة تعوق عمله النهاري؛ كأن تفوت عليه فرص حضور اجتماعات مهمة بسبب صعوبة في الاستيقاظ. وتنتشر هذه الحالة بين 0.5-5٪ من الراشدين في المجتمع الأمريكي.

اضطراب النار كلوبسي
يشتق مصطلح اضطراب النار كلوبسي Narcolepsy من عبارة يونانية معناها الإغماءة stupor، أو الغفوة، أو الذهول والهجوم، أو النوبة. وهنا تهاجم المريض نوبات من النوم، فيسقط فجأةً نائماً من دون سابق إنذار. وقد يظلّ نائماً مدة 15 دقيقة في المتوسط، وقد تهاجمه هذه النوبة وهو في وسط محادثة أو مفاوضات في أيّ لحظة، ويسقط على الأرض نائماً. ويتمّ التشخيص بهذه الحالة إذا وقعت النوبات يومياً مدة ثلاثة شهور أو ما يزيد على ذلك. وتصاحب هذه الحالة حالات أخرى، هي: فقدان فجائي للسيطرة على العضلات cataplexy، وintersions of REM sleepفي المرحلة الانتقالية بين اليقظة والنوم، فيتحول المريض فجأةً إلى النوم الذي تصاحبه حركات جفن العين بعد اليقظة مباشرةً في حالات النوم الطبيعي؛ لذا فإن هذا النمط من النوم المصاحب لحركات جفن العين لا يحدث مباشرةً، وإنما بعد عدة مراحل أو أطوار من أطوار النوم.

ويُلاحظ أن هذه الحالة نوبة أو صدمة cataplexy تحدث عقب حالة من ردّ الفعل الانفعالي الشديد، مثل الفرح الزائد، أو الغضب الزائد، وتراوح الأعراض المصاحبة لها بين مجرّد شعور بضعف في الرجل أو فقدان كامل للسيطرة على العضلات، وهو ما يؤدي إلى انهيار الشخص أو سقوطه. والأشخاص الذين يعانون الصدمات Narcolepsy قد يعانون أيضاً حالة شلل النوم sleep paralysis، وهي حالة وقتية تحدث بعد الاستيقاظ؛ إذ يشعر المريض بالعجز عن الحركة أو الكلام، وقد يعاني أيضاً من بعض الهلاوس المخيفة؛ أي: يدرك أشياء مخيفة لا وجود لها في عالم الحقيقة والواقع، ويُطلق على هذه الهلاوس مصطلح hypnagogic hallucinations، وتحدث قبل النوم. وتتضمن هذه الحالة إحساسات بصرية وسمعية ولمسية وحركات جسمية.

تصيب اضطرابات الصدمات Narcolepsy النساء والرجال بالقدر نفسه، وهي اضطرابات نادرة الحدوث تصيب0.2% فقط؛ أي: اثنين من كلّ عشرة آلاف حالة، أو 0.16%؛ أي: 16 حالة في كلّ عشرة آلاف حالة، وتصبح هذه الحالة خطيرةً إذا هاجمت الفرد في أثناء قيادته السيارة، أو إذا كان يتعامل مع الآلات، أو يحمل أشياء ثقيلةً أو آلات حادة. وهناك نسبة تراوح بين حالتين وثلاث حالة قد استغرقوا في النوم في أثناء القيادة، وهناك أربع حالات من كلّ خمس حالات سقطوا في النوم في أثناء العمل، وهناك حوادث منزلية تحدث بسبب هذه الحالة.

مازالت أسباب هذا الاضطراب غامضةً، وإن كان يُرجَّح وجود أسباب وراثية؛ بسبب وقوع هذا الاضطراب بين الأقارب. وينطوي هذا الاضطراب على مزيد من الأخطاء، خصوصاً في الأعمال الخطيرة، كما هو الحال في قيادة السيارات(3).

اضطرابات النوم المرتبطة بصعوبات التنفس

يعاني أصحاب اضطرابات النوم المرتبطة بصعوبات التنفس Breathing - related sleepdisorder من خلل في النوم يرجع إلى وجود صعوبات في التنفس، ويؤدي ذلك إلى الأرق أو النوم الزائد في أثناء النهار. وبالطبع، تختلف الأسباب المؤدية إلى اضطراب التنفس، وأكثرها شيوعاً ما يُعرف باسم اضطراب النوم الانسدادي، وهو انقطاع النفس obstructive sleep apnea، وتتضمن هذه الحالة نوبات متكررة من الانسدادobstruction الكلي أو الجزئي في التنفس في أثناء النوم، واللفظة مشتقة من عبارة يونانية معناها عدم التنفّس أو انعدامه. وتنتج صعوبات التنفس من إغلاق الممرات الهوائية، أو منع انسياب الهواء في الممرات الهوائية العليا، وترجع -في الأغلب- إلى عجزٍ أو ضعفٍ أو عيبٍ في البناء، أو في التركيب، مثل التهاب الحنك palateالسميك، أو التضخم في اللوز tonsils، أو التهاب في الغدد adenoids. وفي حالة الانسداد التام قد يتوقف المريض عن التنفس مدةً تراوح بين 15 و90 ثانية مرات كثيرة قد تصل إلى 500 مرة في الليلة. وقد يهبّ النائم واقفاً يستلقف الهواء، ويحاول أن يتنفس بعمق، ثم ينام من دون أن يعرف إذا كان تنفّسه معاقاً أو معطّلاً.

ويؤدي ضيق الممرات الهوائية the air passages إلى حصول شخير بصوت عالٍ loud snoring، ويتوقف عند توقّف التنفس. في بعض الحالات لا يحدث انسداد كامل في التنفس، ويعاني المريض حدوث التوقف الكامل للتنفس، وإذا تكرّرت هذه الحالة فإن الفرد يشعر بالرغبة في النوم في أثناء النهار، وهو ما يعوق الأداء الكفء عنده. وتحدث هذه الحالة في 1-10% من الراشدين، وتزيد معدلاته بين الرجال مقارنةً بالنساء، خصوصاً بين الرجال الذين تراوح أعمارهم بين 40 و56 عاماً. وكذلك يزيد انتشار هذا المرض بين مرضى السمنة obese people؛ بسبب ضيق الممرات الهوائية العليا عندهم نتيجة تضخم الأنسجة الرخوة، وقد يزيد ارتفاع الشخير فتشعر زوجة المريض أنها تنام في مصنع يصدر ضوضاء عالية، ويتوقف الشخير عندما يتوقف التنفس. وقد يحدث هذا الانسداد إذا تناول المريض الكحول قبل النوم، وقد لا يشعر المريض بأنه مصاب بضيق التنفس حتى يتم تشخيصه، لكن زوجته تشعر بذلك، وقد يضطر شريك الحياة غير المصاب إلى البحث عن مكان آخر ينام فيه، وتكون نوعية الحياة عند هؤلاء المرضى أقلّ جودةً.

اضطراب خلل نسق النوم
معظم الوظائف الجسمية تسير في شكل نسقي أو دائري a cycle or an internal rhythm، ويُسمَّى هذا النسق circadian rhythm، وتستمر هذه الدائرة مدة 24 ساعة، يسير الإنسان في جدول متبادل بين النوم واليقظة بشكل طبيعي sleep - wake schedules. وقد يصيب هذا النسق الاضطراب بسبب الظروف الخارجية للفرد، وقد يقود هذا الخلل في هذا النسق إلى الأرق، أو إلى الأرق الشديد hypersomnia، ويجب أن يكون هذا الخلط في هذا النظام دائماً وحاداً حتى يشعر المريض بالانزعاج، وحتى تُعاق قدراته على الأداء في المجالات الاجتماعية أو الدراسية أو المهنية.

لا يشكّل اختلاف هذا النسق بسبب ظروف السفر اضطراب خلل نسق النوم circadian rhythm sleep disorder؛ لأنه مؤقت، لكن اختلاف ورديات العمل -كما هو الحال عند الممرضات أو الحراس أو عمال المصانع-قد يخلق عدم التكيّف في حياة الفرد في النوم؛ أي: الإصابة بهذا النوع من اضطرابات النوم.

اضطراب الباراسمومانيا
يتضمّن اضطراب الباراسمومانيا Parasomnia أحداثاً سلوكيةً أو أحداثاً شاذةً تحدث في أثناء النوم، أو عند العتبة بين اليقظة والنوم، ومن ذلك حدوث الكوابيس الليلية، والفزع الليلي، والمشي في أثناء النوم. والكابوس هو حلم مزعج ومخيف يستيقظ النائم على إثره. ويتضمّن الحلم بعض المخاوف أو التهديدات، والتعرّض لأخطار فيزيقية، مثل المطاردةchased، أو يتعرّض النائم للهجوم، أو تتمّ إصابته أو جرحه. ومن خصائص الكابوس أن النائم يستطيع أن يتذكّره أو يسترجعه عند اليقظة بصورة حية، لكن الخوف والقلق قد يمنعان الفرد من العودة إلى النوم ثانيةً بعد الكابوس.

ووفقاً لبعض الإحصاءات، هناك نحو نصف الراشدين يحلمون في بعض الأحيان بالكوابيس، لكن النسبة غير معروفة لأولئك الذين يخبرون الكوابيس المكثفة والمتكررة، التي يعقبها الشعور الانفعالي بالإزعاج، أو الصعوبات في الأداء أو في الوظائف؛ فمثل هذه النسبة غير معروفة إلى الآن على وجه الدقة.

تترابط غالباً الكوابيس مع الأحداث الصدمية، وتكثر عندما يتعرّض الفرد للضغوط أو المشكلات، ومن ذلك ما وجده العلماء من زيادة معدلات الكوابيس بين الأحياء الذين نجوا من زلزال سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1989م. وكذلك وُجد أن الأطفال الذين عايشوا زلزال لوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1994م عانوا مزيداً من الكوابيس مقارنةً بغيرهم، ويحدث هذا للجنود في ساحات القتال وبعدها.

يحدث الكابوس في أثناء النوم المصاحب لحركات جفن العين السريعة، ويحدث في أواخر الليل أو قبيل الصباح، ويتضمن نشاطاً حركياً، كما يحدث في الجري والهروب من المهاجم assailant، لكن لا تحدث فيه أنشطة عضلية كثيرة، وإنما يحدث كفّ لحركات الجسم كما لو كان النائم قد أصابه الشلل أو التجمد، لكن هذا يحدث -لحسن الحظ- لأنه يمنع النائم من القفز من الفراش والجري والهروب إلى مكان خطر.

اضطراب الفزع
يبدأ اضطراب الفزع sleep terror disorderبصرخة أو صيحة من النائم. وإذا حدث لطفل فإن الآباء يفزعون لنجدته، وعلى إثره يقف الطفل خائفاً وثائراً، مع زيادة إفرازات العرق، ومعدلات ضربات القلب، وسرعة التنفس. قد لا يتعرّف الطفل إلى والديه، وقد يدفعهما بعيداً منه، وقد يستغرق ثانيةً في النوم، وفي الصباح لا يتذكّر تفاصيل هذا الفزع. هذا الفزع الليلي أكثر شدةً من الكابوس.

بعد الفزع يظلّ الفرد مشوشاً، وفاقد الإحساس بالاتجاه عدة دقائق. وتزداد معدلات الفزع الليلي في مرحلة المراهقة، أما في مرحلة الرشد فالنسبة متساوية بين الجنسين، ويحدث هذا الاضطراب في نسبة تراوح بين 1 و6% في الأطفال، لكن نسبته أقلّ من 1% في الراشدين.

اضطراب المشي في أثناء النوم sleepwalkingdisorder
يتعرّض النائم لنوبات يخرج فيها من فراشه، ويتجوّل في المنزل، ثم يعود وهو نائم. ويحدث اضطراب المشي في أثناء النومsleepwalking disorder طور النوم العميق؛ إذ لا توجد في هذه المرحلة أحلام؛ لذلك فإن هذه الحالة ليست حلماً. لكن تكرار هذه العادة يسبّب الإزعاج لصاحبها، ويعوق أداءه. ويكثر هذا العرض لدى الأطفال، ويراوح انتشاره بين 1 و5%، وتصل هذه النسبة بين الراشدين إلى 7%. وأسباب هذا الاضطراب ليست معروفة إلى الآن. ويتحاشى النائم الصدام مع الأشياء، لكن هناك بعض الحوادث التي تقع لهؤلاء المرضى، ويبدو أن وجه النائم في هذه الحالة يكون عديم التعبير، وفي الإمكان إيقاظ النائم من نوبة المشي، وليست هناك خطورة في ذلك.

اضطرابات النوم في مرحلة الطفولة
من جرّاء تعرّض الأطفال في الطفولة المبكرة للضغوط يُصابون باضطرابات النوم sleep disturbances، ومن ذلك صعوبة الدخول في النوم، أو عدم النوم. وتزداد هذه الاضطرابات في الأطفال عندما يبدؤون الذهاب إلى المدرسة أول مرة، وبمرور الوقت تزول هذه الاضطرابات؛ فقد لوحظ أن هناك نحو ثلث أطفال السنّ (4-5) أعوام يصابون بهذه الاضطرابات، بينما يُصاب بها 15% فقط من أطفال السنوات الستّ، و8% فقط من أطفال السنوات العشر، وهؤلاء يستيقظون باستمرار في أثناء النوم.

ومن شكاوى الأطفال أيضاً المعاناة من الكوابيس، التي يكثر انتشارها في الطفولة عنها في المراحل اللاحقة؛ فقد لوحظ أن هناك نسبة تراوح بين 10 و50% من أطفال السنّ (3-5 سنوات) يعانون الكوابيس بصورة متكررة، لدرجة أنها تزعج الآباء، وذلك وفقاً لما تقرّره الجمعية الأمريكية لاضطرابات النوم the American Sleep Disorders Association في تقريرها الصادر عام 1990م. أما حالات الفزع الليلي night terrors، فهي أكثر إزعاجاً، لكنها أقلّ انتشاراً؛ إذ تنتشر بين 1-6% من مجموع الأطفال، ويندر حدوثها في سنّ الرشد.

لا يُظهر الأطفال الذين يعانون الكوابيس إثارةً فيزيقيةً، وقد لا يستيقظ الطفل من هذا الحلم. وبعد الاستيقاظ يستطيع الطفل وصف الكابوس بالتفصيل، وكيف كان الحيوان الذي كان يهاجمه غريب الشكل، وكيف كان ضخماً ومخيفاً، أو كيف كان هذا الوحش monster طويلاً وضخماً، وكيف كان يبدو الكهف الذي خرج منه، وبعد ذلك يهدأ الطفل. لكن على العكس من ذلك، يبدو على الأطفال الذين يعانون الفزع الليلي التوتر والإثارة الفيزيقية، ومن ذلك العرق، وزيادة ضربات القلب، وزيادة التنفس أو البحث عن الهواء hyperventailation، ويستيقظ الطفل وهو في حالة من الرعب والخوف panic، ويأخذ في الصراخ. وتصعب إعادة الطفل إلى حالة الهدوء، ولا يستطيع أن يصف الطفل ما حدث له، كما لا يستطيع أن يصف الحلم، ولا يستطيع أن يتذكر الطفل شيئاً من أحداث الليلة الفائتة.

وعلى ذلك، فإن الفزع الليلي أشد خطورةً من الكابوس الليلي، وتحدث هذه الحالة في مرحلة النوم الذي يمتاز بالحركات البطيئة لجفن العين، أو الموجات البطيئة، مقارنةً بالكوابيس. ويحدث الفزع الليلي في بداية النوم، بينما يحدث الكابوس قرب الصباح. وكذلك فإن المشي في أثناء النوم يكثر حدوثه في السنّ الصغيرة مقارنةً بالسن الكبيرة؛ إذ لُوحظ أن هناك أقلّ من 1% بين الكبار، بينما هناك 15-30% من الأطفال الأصحاء يعانون ذلك، على القليل نوبة واحدة، وهناك2-3% لديهم نوبات متكررة، وتصل هذه الحالة إلى القمة في سنّ 12 عاماً.

يستغرق الطفل في النوم، وبعد ذلك يغادر مخدعه بنحو ساعة أو ساعتين من دون أن يستيقظ، ثم يقدم بعض الأنشطة المعقدة؛ كأن يعمل لنفسه (سندويتشاً)، أو يرتدي ملابسه ويغادر المنزل، لكنه لا يذهب بعيداً من منزله، وعيناه تكونان مفتوحتين، وهو بذلك لا يصطدم بالأشياء. وقد تستغرق هذه النوبة من 15 ثانية إلى 30 دقيقة، وبعد ذلك يعود المريض إلى فراشه ثانيةً. والحقيقة أن النائم لا يُترجم حلمه من خلال هذا المشي، ويحدث المشي في أثناء النوم الذي لا تصاحبه حركات سريعة لجفن العين non- REM، وهو في الأصل نوم ليس مُخصّصاً للحلم.

لا يشكّل المشي في أثناء النوم مشكلةً في الطفولة، وتتطلب هذه الحالة أن يتأكّد الآباء من أن الباب الخارجي للمنزل مغلق؛ حتى لا يخرج الطفل وهو نائم فيتعرّض للخطر. وليس من الضروري إيقاظ الطفل في أثناء هذه النوبة؛ حتى لا يشعر بالخوف، لكن على الآباء إرشاده فقط إلى العودة إلى الفراش(4).

عقاقير النوم والإدمان
من الآثار الجانبية لتناول حبوب النوم sleeping pills أنها قد تؤدي إلى إدمان تناولها، كما أن لها آثاراً جانبيةً كثيرةً، منها: فقدان الذاكرة، والمعاناة من أعراض الانسحاب، إلى جانب تقليل نسبة النوم المصاحب بحركات جفن العين، وعدم الراحة في النوم، والكوابيس إذا لم يأخذ المريض الدواء قبل الذهاب إلى الفراش، وإذا توقف المريض عن تناول الدواء عاد إليه الأرق ثانيةً؛ لذلك تضع بعض الدول حظراً على تناول هذه العقاقير أو تداولها؛ فلا تُصرف إلا بإذن الطبيب المختصّ، ويتم تسجيل كمياتها في الصيدليات، ويُخصم منها ما يُباع، وتخضع الصيدليات للمراقبة الدائمة؛ حتى لا يحصل عليها المدمنون؛ لذلك فإن العلاج السلوكي أفضل؛ تحاشياً للاعتماد على العقاقير في علاج اضطرابات النوم، والعلاج النفسي عامةً أفضل لعلاج جميع الاضطرابات النفسية والعقلية؛ بسبب عدم وجود آثار جانبية له.

أساليب العلاج والوقاية من اضطرابات النوم
هناك بعض الأطباء الذين يعتمدون في علاج هذه الاضطرابات على العقاقير المنومة hypmotics، لكن لهذه العقاقير آثار جانبية خطيرة؛ لذلك فإن العلاج المفضّل هو العلاج بغير العقاقير nonpharmacoligical treatment، خصوصاً العلاج المعرفي والعلاج السلوكي.

يعتمد العلاج الحيوي على العقاقير المهدئة الخفيفة minor tranquilizers، وهي العقاقير نفسها التي تُستخدم في علاج القلق، لكنها تستخدم أيضاً في علاج الأرق. وهذه العقاقير تجعل الفرد أكثر استعداداً للنوم، وأكثر هدوءاً، وتقلّل من حالة الإثارة، لكن قد يغلب النوم على المريض في أثناء النهار، وقد تؤدي كذلك إلى خفض الأداء أو العمل، وإذا انسحب العقار أدّى ذلك إلى نوع من الأرق، يُعرف باسم الأرق الارتدادي rebound insomnia، وهي درجة أشد من الأرق عما كان يعانيه المريض في الأصل.

ومن الأخطار كذلك أن الجسم يكوّن عادة(الاحتمالية)، وبذلك يحتاج المريض إلى مضاعفة الجرعات حتى يحدث في نفسه التأثير المطلوبprogressively larger doses، وهذه الجرعات الكبيرة قد تكون خطيرةً، خصوصاً إذا كان المريض يخلطها بالكحول عند النوم، والجرعات المتزايدة قد تؤدي إلى (الاعتمادية)؛ أي: إلى الإدمان addiction. ويقود انسحاب العقار من متناول يد المريض إلى معاناته من أعراض الانسحاب withdrawalsymptoms، ومن هذه الأعراض الانسحابية:التهيّج، والثورة، والصدمات، والغثيان، والصداع، وفي الحالات الشديدة قد يعاني المريض الهلاوس، وهي مُدركات حسية يدركها المريض، وهي غير موجودة في عالم الحقيقة والواقع، كما قد يعاني بعض الضلالات أو الهذاءات، وهي أفكار وهمية خاطئة.

ومن الناحية النفسية، قد يصبح المريض مدمناً أقراص النوم على المستوى النفسي؛ أي: يحدث له الإدمان النفسي، وهو لا يقلّ خطورةً عن الإدمان الفسيولوجي؛ إذ يرغب المريض في تناول العقار، ويعتقد أنه لن ينام إلا إذا تناوله. وقد يعتقد المريض أنه لا ينام إطلاقاً إلا بتأثير العقار، وليس نتيجة قدرته هو، وبذلك يعتمد أكثر على العقار، ويصعب عليه الإقلاع عن تناوله. إلى جانب ذلك، فإن الاعتماد على أقراص النوم لا يؤدي إلى حلّ الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى الأرق؛ أي: حلّ المشكلات التي تؤدي إلى حالة الأرق. وكذلك، فإن هذه الأقراص لا تساعد المريض على تعلّم طرائق أكثر فاعليةً للتكيّف مع مشكلاته.

على كلّ حال، إذا كان لا بد من استخدام أقراص النوم فلابد أن يكون ذلك مدةً قصيرةً، وبأقلّ جرعات ممكنة؛ حتى يأخذ الطبيب فرصة مساعدة المريض على الشفاء من القلق والضغوط التي تسبّب له الأرق. وفي جميع الأحوال، يلزم استعمال العلاج النفسي السلوكي أو المعرفي إلى جانب الأقراص. وكذلك تُستخدم عقاقير علاج الاكتئاب لعلاج الأرق، ومشكلات النوم الأخرى، مثل: فزع النوم، والمشي في أثناء النوم. وتساعد هذه العقاقير على تقليل مدة العلاج، ولا ينبغي استعمال الأدوية إلا في الحالات الشديدة، وبوصفها وسيلةً مؤقتةً. وفي الحالات التي يشعر فيها المريض بالنعاس يمكن استعمال العقاقير المنبهة لعلاجها. وفي حالة ضيق الممرات الهوائية قد تستخدم الجراحة في العلاج، أو ضع جهاز في الأنف يساعد على وصول الهواء إلى المريض.


يساعد العلاج السلوكي المعرفي على تقليل حالة اليقظة أو الإثارة الزائدة التي تمنع النوم، كما يساعد على تعديل عادات النوم، ويزيل العادات غير الصحية أو غير المتكيفة، ويغيّر أفكار المريض الخاطئة حول النوم واليقظة والأرق. ويشمل عدداً من الإجراءات، منها: التحكم في المثيرات المرتبطة بالنوم، والتدريبات على الاسترخاء، وتكوين مفاهيم جيدة عن النوم؛ بمعنى: تعديل بيئة المريض المرتبطة بالنوم؛ كالذهاب إلى الفراش استعداداً للنوم؛ لذلك فإن هذا الظرف يساعد على النوم، لكن قد يحدث أن يستخدم الإنسان فراشه لأغراض أخرى كثيرة؛ كالقراءة، والكتابة، وتناول الطعام، ومشاهدة التلفاز؛ لذا فإن هذه الرابطة بين ظروف النوم والنوم نفسه تضعف أو تقلّ، ويفقد الفراش صلته أو علاقته بالنوم، وإذا شرع الفرد في تقليب الأفكار عندما يذهب إلى فراشه فإن الفراش سيرتبط بالقلق والإحباط أكثر من ارتباطه بالاستغراق في النوم؛ لذلك فإن منهج التحكّم في المثيرات المحيطة بجوّ النوم يستهدف تقوية الرابطة بين الفراش والنوم عن طريق تقليل الأنشطة التي يقوم بها الفرد في الفراش، وعن طريق تقليل المدة الزمنية التي يقضيها الفرد في الفراش محاولاً الاستغراق في النوم. وإذا حاول الفرد الدخول في النوم لمدة أقصاها 20 دقيقة، ولم يفلح في ذلك، فعليه أن يغادر الفراش، ويذهب إلى غرفة أخرى للحصول على حالة من الاسترخاء العقلي والعصبي قبل العودة ثانيةً إلى الفراش؛ كالجلوس ساكتاً وهادئاً، أو القراءة، أو مشاهدة التلفاز، أو ممارسة تمرينات الاسترخاء؛ فيبدأ من عضو واحد من أعضاء الجسم، أو من طرف واحد من أطراف الجسم، ثم يستمر بصورة تقدّمية حتى يشمل كلّ الجسم. وعلى الإنسان أن يساعد نفسه على التخلص من حالات الأرق عن طريق جعل البيئة مشجعةً ومؤديةً إلى النوم، وتكوين عادات جيّدة للنوم، وهو ما يجعل الفرد مستعداً أكثر للنوم. وينصح الأطباء باتباع الخطوات الآتية:

- لا تذهب إلى الفراش إلا عندما تشعر بالرغبة والاستعداد للنوم.

- قلّل بقدر الإمكان الأنشطة التي تقوم بها في الفراش، واجعله للنوم فقط؛ بمعنى: تحاشَ القراءة، أو تناول الطعام، أو مشاهدة التلفاز، في الفراش.

- إذا لم يأتِك النوم بعض مضي 20 دقيقة في الفراش محاولاً النوم غادر الفراش، واترك غرفة النوم، وحاول الاسترخاء عن طريق القراءة، أو الاستماع إلى الموسيقا الهادئة، أو ممارسة الاسترخاء.

- ضع نظاماً ثابتاً ومنتظماً؛ بمعنى: النوم واليقظة في ساعات محددة في كلّ يوم بصرف النظر عن عدد ساعات النوم في كلّ ليلة.

- حاول أن تتحاشى النعاس في النهار؛ لأن النوم بالنهار يقلّل من الاستعداد للنوم في الليل.

- تحاشى تقليب الأفكار في النوم، ولا تحاول التركيز في حلّ مشكلاتك في أثناء النوم، أو إعادة تخطيط حياتك الباقية في أثناء محاولات النوم، واقنع نفسك بأنك ستفكّر في ذلك غداً، وأبعد الأفكار عن ذهنك أو وعيك، وإذا وردت فكرة مهمة لذهنك فقم وسجّلها، ثم نَمْ ثانيةً؛ فقد لا تعود إليك هذه الفكرة ثانيةً، وإذا لم تستطع إبعاد الأفكار غادر الفراش.

تعليقات

التنقل السريع